المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة، اختصرتها من الكتاب النافع صفة صوم النبي في رمضان للشيخ سليم بن عيد الهلالي، والشيخ علي بن حسن الحلبي حفظهما الله.
والهدف من اختصار هذه الرسالة تيسير العلم على عامة الناس.
وأسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذه الرسالة، وأن يجعل لها القبول، والله الموفق.
وكتبه: مجدي بن عبد الوهاب الأحمد
أبو مسلم
19شعبان 1418 هـ
فضائل الصيام:
جاءت آيات بينات محكمات في كتاب الله المجيد، تحض على الصوم؛ تقرباً إلى الله عز وجل، وتبين فضائله؛ كقوله تعالى:{وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 35].
وقال تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].
وقد بين رسول الله أن الصوم حصن من الشهوات لقوله : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (هي المقدرة على الزواج بأنواعها كافة) فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء(المراد: قطع شهوة الجماع)» [البخاري (5065) ومسلم (1400)].
يتبين لك أخي المسلم من هذا الحديث أن الصوم يقمع الشهوات، ويكسر حدتها، وهي التي تقرب من النار، فقد حال الصيام بين الصائم والنار.
لذلك جاءت الأحاديث مصرحة بأنه حصن من النار، وجُنَّةٌ (أي: وقاية) يستجن بها العبد من النار، قال : «ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفا» [البخاري (2840) ومسلم (1153)].
وقال : «الصيام جنةٌ يسْتَجَنُّ بها العبد من النار» [صحيح الترغيب (970)].
وعن أبي أمامة قال: "يا رسول الله! دلني على عمل أدخل به الجنة"، فقال : «عليك بالصوم، لا مثل له» [صحيح سنن النسائي ( 2097)].
فضل شهر رمضان:
رمضان شهر خير وبركة، حباه الله بفضائل كثيرة؛ منها: أن الله عز وجل أنزل فيه القرآن هدى للناس، وشفاء للمؤمنين.
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة : 185].
وفي شهر رمضان ليلة هي عند الله عز وجل خير من ألف شهر؛ ألا وهي ليلة القدر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [القدر: 1: 5].
وفي هذا الشهر تصفد الشياطين، وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان، قال رسول الله : «إذا جاء رمضان؛ فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين» [البخاري (3277)، ومسلم (1079)].
أحكام الصيام:
النية (النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة، وإن رآها الناس حسنة):
إذا ثبت دخول رمضان بالرؤية البصرية، أو الشهادة، أو إكمال العدة، وجب على كل مسلم مكلف أن ينوي صيامه في الليل، لقوله : «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» [إرواء الغليل (914)] (وتبييت النية مخصوص بصيام الفريضة؛ لأن الرسول كان يأتي عائشة في غير رمضان، فيقول: «هل عندكم غداء؟ وإلا فإني صائم» [مسلم (1154)].
ومن أدرك شهر رمضان وهو لا يدري، فأكل وشرب، ثم علم فليمسك، وليتم صومه، ويجزؤه ذلك.
وقت الصوم:
عن سهل بن سعد قال: "لما نزلت هذه الآية: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]؛ قال: "فكان الرجل إذا أراد الصوم؛ ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد ذلك: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار". [البخاري (1917) ومسلم (1091)].
* الفجر فجران:
قال رسول الله : «الفجر فجران: فأما الأول؛ فإنه لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة» [الصحيحة (693)] (يسمى الفجر الكاذب: هو البياض (الضوء) المستطيل الساطع المصعد؛ كذنب السرحان أي : الذئب)، وأما الثاني؛ فإنه يحرم الطعام، ويحل الصلاة (يسمى الفجر الصادق: هو الأحمر المستطير أي ينتشر بياض الأفق معترضاً، وهذا هو الذي تتعلق به أحكام الصيام والصلاة).
وقال رسول الله : «كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد» [الصحيحة (2031)] (قال ابن الأثير في "النهاية": أي: لا تنزعجوا للفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور) وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر(قال الخطابي في معالم السنن: "ومعنى الأحمر هاهنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل حُمْرَةٍ، وذلك البياض إذا تتام طلوعه، ظهرت أوائل الحمرة". [ط / دعاس (2/760)].
وقال رسول الله : «إن الفجر ليس الذي يقول هكذا - وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا - ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه» [البخاري (621)، ومسلم (1093)].
* ثم يتم الصيام إلى الليل:
قال رسول الله : «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم» [البخاري (1954)، ومسلم (1100 )].
وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة، وإن كان ضوؤها ظاهراً، فقد كان من هديه إذا كان صائماً أمر رجلاً، فأوفى (أي: أشرف وأطلع) على شيءٍ، فإذا قال: "غابت الشمس"؛ أفطر [صحيح ابن خزيمة (2061)].
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة، اختصرتها من الكتاب النافع صفة صوم النبي في رمضان للشيخ سليم بن عيد الهلالي، والشيخ علي بن حسن الحلبي حفظهما الله.
والهدف من اختصار هذه الرسالة تيسير العلم على عامة الناس.
وأسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذه الرسالة، وأن يجعل لها القبول، والله الموفق.
وكتبه: مجدي بن عبد الوهاب الأحمد
أبو مسلم
19شعبان 1418 هـ
فضائل الصيام:
جاءت آيات بينات محكمات في كتاب الله المجيد، تحض على الصوم؛ تقرباً إلى الله عز وجل، وتبين فضائله؛ كقوله تعالى:{وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 35].
وقال تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].
وقد بين رسول الله أن الصوم حصن من الشهوات لقوله : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (هي المقدرة على الزواج بأنواعها كافة) فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء(المراد: قطع شهوة الجماع)» [البخاري (5065) ومسلم (1400)].
يتبين لك أخي المسلم من هذا الحديث أن الصوم يقمع الشهوات، ويكسر حدتها، وهي التي تقرب من النار، فقد حال الصيام بين الصائم والنار.
لذلك جاءت الأحاديث مصرحة بأنه حصن من النار، وجُنَّةٌ (أي: وقاية) يستجن بها العبد من النار، قال : «ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفا» [البخاري (2840) ومسلم (1153)].
وقال : «الصيام جنةٌ يسْتَجَنُّ بها العبد من النار» [صحيح الترغيب (970)].
وعن أبي أمامة قال: "يا رسول الله! دلني على عمل أدخل به الجنة"، فقال : «عليك بالصوم، لا مثل له» [صحيح سنن النسائي ( 2097)].
فضل شهر رمضان:
رمضان شهر خير وبركة، حباه الله بفضائل كثيرة؛ منها: أن الله عز وجل أنزل فيه القرآن هدى للناس، وشفاء للمؤمنين.
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة : 185].
وفي شهر رمضان ليلة هي عند الله عز وجل خير من ألف شهر؛ ألا وهي ليلة القدر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [القدر: 1: 5].
وفي هذا الشهر تصفد الشياطين، وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان، قال رسول الله : «إذا جاء رمضان؛ فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين» [البخاري (3277)، ومسلم (1079)].
أحكام الصيام:
النية (النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة، وإن رآها الناس حسنة):
إذا ثبت دخول رمضان بالرؤية البصرية، أو الشهادة، أو إكمال العدة، وجب على كل مسلم مكلف أن ينوي صيامه في الليل، لقوله : «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» [إرواء الغليل (914)] (وتبييت النية مخصوص بصيام الفريضة؛ لأن الرسول كان يأتي عائشة في غير رمضان، فيقول: «هل عندكم غداء؟ وإلا فإني صائم» [مسلم (1154)].
ومن أدرك شهر رمضان وهو لا يدري، فأكل وشرب، ثم علم فليمسك، وليتم صومه، ويجزؤه ذلك.
وقت الصوم:
عن سهل بن سعد قال: "لما نزلت هذه الآية: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]؛ قال: "فكان الرجل إذا أراد الصوم؛ ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد ذلك: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار". [البخاري (1917) ومسلم (1091)].
* الفجر فجران:
قال رسول الله : «الفجر فجران: فأما الأول؛ فإنه لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة» [الصحيحة (693)] (يسمى الفجر الكاذب: هو البياض (الضوء) المستطيل الساطع المصعد؛ كذنب السرحان أي : الذئب)، وأما الثاني؛ فإنه يحرم الطعام، ويحل الصلاة (يسمى الفجر الصادق: هو الأحمر المستطير أي ينتشر بياض الأفق معترضاً، وهذا هو الذي تتعلق به أحكام الصيام والصلاة).
وقال رسول الله : «كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد» [الصحيحة (2031)] (قال ابن الأثير في "النهاية": أي: لا تنزعجوا للفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور) وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر(قال الخطابي في معالم السنن: "ومعنى الأحمر هاهنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل حُمْرَةٍ، وذلك البياض إذا تتام طلوعه، ظهرت أوائل الحمرة". [ط / دعاس (2/760)].
وقال رسول الله : «إن الفجر ليس الذي يقول هكذا - وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا - ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه» [البخاري (621)، ومسلم (1093)].
* ثم يتم الصيام إلى الليل:
قال رسول الله : «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم» [البخاري (1954)، ومسلم (1100 )].
وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة، وإن كان ضوؤها ظاهراً، فقد كان من هديه إذا كان صائماً أمر رجلاً، فأوفى (أي: أشرف وأطلع) على شيءٍ، فإذا قال: "غابت الشمس"؛ أفطر [صحيح ابن خزيمة (2061)].